کد مطلب:239505 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:150

الهدف 04
ان المأمون فی نفس الوقت الذی یرید فیه أن یتخذ من الامام مجنا یتقی به سخط الناس علی بنی العباس، و یحوط نفسه من نقمة الجمهور .. یرید أیضا ؛ أن یستغل عاطفة الناس و محبتهم لأهل البیت - و التی زادت



[ صفحه 217]



و نمت بعد الحالة التی خلفتها الحرب بینه و بین أخیه - و یوظف ذلك فی صالحه هو، و صالح الحكم العباسی بشكل عام ..

أی أنه : كان یهدف من وراء لعبته تلك، و التی كان یحسب أنها سوف تكون رابحة جدا - الی أن یحصل علی قاعدة شعبیة، واسعة، و قویة . حیث كان یعتقد و یقدر : أن نظام حكمه سوف ینال من التأیید، و القوة، و النفوذ، بمقدار ما كان لتلك الشخصیة من التأیید، و النفوذ و القوة .. و اذا ما استطاع فی نهایة الأمر أن یقضی علیها، فانه یكون قد امن خطرا عظیما، كان یتهدده من قبلها، بمقدار ما كان لها من العظمة و الخطر ..

ان المأمون قد اختار لولایة عهده رجلا یحظی بالاحترام و التقدیر من جمیع الفئات و الطبقات، و له من النفوذ، و الكلمة المسموعة، ما لم یكن لكل أحد سواه فی ذلك الحین . بل لقد كان الكثیرون یرون : أن الخلافة حق له، و ینظرون الی الهیئة الحاكمة علی انها ظالمة له و غاصبة لذلك الحق :

یقول الدكتور الشیبی، و هو یتحدث عن الرضا (ع) : « ان المأمون جعله ولی عهده، لمحاولة تألف قلوب الناس ضد قومه العباسیین، الذین حاربوه، و نصروا أخاه» [1] .

و یقول : « .. و قد كان الرضا من قوة الشخصیة، و سمو المكانة : أن التف حوله المرجئة، و أهل الحدیث، و الزیدیة، ثم عادوا الی مذاهبهم بعد موته .. » [2] .



[ صفحه 218]



و كذلك هو یقول - و هو مهم فیما نحن بصدده - : « .. ان الرضا لم یكن بعد تولیته العهد امام الشیعة وحدهم، و انما مر بنا : أن الناس، حتی أهل السنة، و الزیدیة، و سائر الطوائف الشیعیة المتناحرة .. قد اجتمعت علی امامته، و اتباعه، و الالتفاف حوله .. » [3] .

و هذا كما تری تصریح واضح منه بهدف المأمون، الذی نحن بصدد بیانه ..

و یقول محمد بن طلحة الشافعی مشیرا الی ذلك، فی معرض حدیثه عن الامام الرضا (ع) : « .. نما ایمانه، و علا شأنه، و ارتفع مكانه، و كثر أعوانه، و ظهر برهانه، حتی أحله الخلیفة المأمون محل مهجته، و أشركه فی مملكته .. » [4] .

و تقدم أنه (ع) كان - باعتراف المأمون - « الأرضی فی الخاصة، و العامة .. » و أن كتبه كانت تنفذ فی المشرق و المغرب، حتی أن البیعة له بولایة العهد ، لم تزده فی النعمة شیئا .. و أنه كان له من قوة الشخصیة ما دفع أحد أعدائه لأن یقول فی حقه للمأمون : « هذا الذی بجنبك والله صنم یعبد دون الله » الی آخر ما هنالك، مما قدمنا « غیضا من فیض منه » .

كما و تقدم أیضا قول المأمون فی رسالته للعباسیین : « .. و ان تزعموا : أنی أردت أن یؤول الیهم عاقبة و منفعة ( یعنی للعلویین ) ؛ فانی فی تدبیركم، و النظر لكم، و لعقبكم، و أبنائكم من بعدكم .. »، و أیضا عبارته التی كتبها المأمون بخط یده فی وثیقة العهد ؛ فلا نعید ..

و هكذا .. فما علی العباسیین الا أن ینعموا بالا، و یقروا عینا ؛ فان المأمون كان یدبر الأمر لصالحهم و من أجلهم .. و لیس كما یقوله



[ صفحه 219]



الدكتور الشیبی، و غیره من أنه أراد یحصل علی التأیید الواسع، لیقابل العباسیین، و یقف فی وجههم .


[1] الصلة بين التصوف و التشيع ص 224 ،223 .. و نحن لا نوافق الدكتور الشيبي علي أنه كان يريد التقوي بذلك علي العباسيين، كما اتضح، و سيتضح ان شاءالله.

[2] المصدر السابق ص 214.

[3] المصدر السابق ص 256.

[4] مطالب السؤول ص 85 ،84، و قريب منه ما في : الاتجاف بحب الأشراف ص 58.